اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
268335 مشاهدة print word pdf
line-top
قراءة القرآن

قوله: [وقراءة القرآن] لقوله -صلى الله عليه وسلم- لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن رواه أبو داود والترمذي


الشرح: - وهذا أيضا- مما يحرم على الحائض فعله، وهو قراءة القرآن، سواء كانت هذه القراءة من المصحف أو عن ظهر قلب، فهي في هذا شبيهة بالجنب الذي لا يجوز له ذلك حتى يتطهر من جنابته، وفي هذا تنبيه له بأن يبادر إلى الغسل حتى يتمكن من ممارسة كثير من العبادات التي تحرم عليه بالجنابة، ومن جملتها قراءة القرآن.
وأما الحائض فقد اختلف العلماء في جواز قراءتها للقرآن:
فذهب أكثرهم إلى عدم جواز ذلك' - كما سبق- واستدلوا بالحديث السابق: لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن قال الخطابي (وفي الحديث من الفقه أن الجنب لا يقرأ القرآن، وكذلك الحائض لا تقرأ لأن حدثها أغلظ من حدث الجنابة) .
وذهب بعضهم إلى جواز ذلك- وهو رواية في المذهب ومروي عن الإمام مالك - قال الخطابي (وقد حكي عنه- أي الإمام مالك - أنه قال: تقرأ الحائض ولا يقرأ الجنب لأن الحائض إذا لم تقرأ نسيت القرآن؛ لأن أيام الحيض تتطاول، ومدة الجنابة لا تطول) واستدل هؤلاء بقول عائشة - رضي الله عنها- عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يذكر الله على كل أحيانه رواه مسلم . والذكر يشمل قراءة القرآن وغيرها.
واستدلوا- أيضا - بقوله لعائشة عندما حاضت زمن الحج افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري فأباح لها -صلى الله عليه وسلم- ما يفعل الحاج- ومن ضمنه قراءة القرآن- واستثنى الطواف بالبيت فقط؛ ولهذا استدل البخاري- رحمه الله- بهذا الحديث على جواز قراءة الحائض القرآن كما بين ذلك الحافظ في الفتح .
قال هؤلاء: وأما حديث لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن فإنه حديث [ضعيف من جميع طرقه]، كما قال الحافظ في الفتح .
ولعل الصواب في هذه المسألة- وهو ما يميل إليه شيخ الإسلام انظر: الاختيارات (ص 27). - أن الحائض يجوز لها أن تقرأ القرآن إذا احتاجت لذلك، ويتأكد إذا خشيت نسيان حفظها. قال -رحمه الله- في الفتاوى (أما قراءة الجنب والحائض للقرآن فللعلماء فيه ثلاثة أقوال: قيل يجوز لهذا ولهذا وهو مذهب أبي حنيفة والمشهور من مذهب الشافعي و أحمد وقيل: لا يجوز للجنب ويجوز للحائض إما مطلقا أو إذا خافت النسيان، وهو مذهب مالك وقول في مذهب أحمد وغيره فإن قراءة الحائض القرآن لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه شيء غير الحديث المروي عن إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئا رواه أبو داود وغيره وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث) إلى أن قال (ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يكن ينهاهن عن قراءة القرآن، كما لم يكن ينهاهن عن الذكر والدعاء، بل أمر الحيض أن يخرجن يوم العيد فيكبرون بتكبير المسلمين وأمر الحائض أن تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت: تلبي وهي حائض، وكذلك بمزدلفة ومنى، وغير ذلك من المشاعر، وأما الجنب فلم يأمره أن يشهد العيد، ولا يصلي، ولا أن يقضي شيئا من المناسك؛ لأن الجنب يمكنه أن يتطهر، فلا عذر له في ترك الطهارة، بخلاف الحائض فإن حدثها قائم لا يمكنها مع ذلك التطهر، ولهذا ذكر العلماء ليس للجنب أن يقف بعرفة ومزدلفة ومنى حتى يطهر، وإن كانت الطهارة ليست شرطا في ذلك، لكن المقصود أن الشارع أمر الحائض أمر إيجاب أو استحباب بذكر الله ودعائه مع كراهة ذلك للجنب، فعلم أن الحائض يرخص لها فيما لا يرخص للجنب فيه لأجل العذر، وإن كانت عدتها أغلظ، فكذلك قراءة القرآن لم ينهها الشارع عن ذلك..) إلى أن قال- رحمه الله- (وليست القراءة كالصلاة، فإن الصلاة يشترط لها الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، والقراءة تجوز مع الحدث الأصغر بالنص واتفاق الأئمة، والصلاة يجب فيها استقبال القبلة، واللباس، واجتناب النجاسة، والقراءة لا يجب فيها شيء من ذلك، بل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يضع رأسه في حجر عائشة - رضي الله عنها- وهي حائض، وهو حديث صحيح) .

line-bottom